يعد الشيخ أحمد ياسين أحد أكبر القادة الفلسطينيين الذين أثّروا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل لافت وكبير، وحولوا مسار العديد من النشاطات الفلسطينية إلى نشاطات جهادية، منطلقة من مبدأ إسلامي، وقائم على الأعمال العسكرية المدربة والمتطورة قدر المستطاع.
كما يعد من أكثر القادة الفلسطينيين الذين نالوا احترام وولاء معظم الفلسطينيين ومعظم القادة والزعماء في العالم.
ولد الشيخ الشهيد في قرية الجورة الفلسطينية عام 1936م، وبعد حرب عام 1948م، انتقل مع أسرته إلى قطاع غزة، حيث نشأ فيها، والتحق بحركة الإخوان المسلمين عام 1955م.
وخلال عام 1960م أصيب بالشلل الرباعي، بعد أدائه لإحدى القفزات الرياضية الصعبة أثناء التدريبات مع أصدقائه.
وعلى الرغم من الشلل الذي أصاب جميع أطرافه، واستمر حتى وفاته، إلا أنه لم يؤثر في شخصية الشيخ الشهيد، ولم يقلل من حماسه وتوقد ذهنه وذكائه، التي استخدمها في سبيل القضية الفلسطينية، وفي سبيل الدفاع عن الأقصى المبارك والقدس الشريف.
حيث استطاع خلال السنوات التي تلت الحادث، تكوين فريق من الشباب المتحمسين للدعوة إلى الإسلام ، كما عمل مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية، ثم عمل خطيباً ومدرساً في مساجد غزة، وأصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة؛ لقوة حجته وجسارته في الحق .
تعرض الشيخ للاعتقال أكثر من مرة عام 1965م إبان الضربة القاسية التي تعرض لها الإخوان في مصر وقطاع غزة، حيث تم اعتقال أفرادها وقياديوها ولوحقوا على يد أتباع جمال عبد الناصر.
وفي العام 1968م اختير الشيخ أحمد ياسين لقيادة الحركة في فلسطين فبدأ ببناء جسم الحركة، فأسس الجمعية الإسلامية ثم المجمع الإسلامي، وكان له الدور البارز في تأسيس الجامعة الإسلامية، وبدأ التفكير للعمل العسكري.
إلا أن السلطات الإسرائيلية قامت باعتقاله في عام 1983م، بتهمة حيازة أسلحة، وتشكيل تنظيم عسكري، والتحريض على إزالة الدولة العبرية من الوجود، وقد حوكم الشيخ أمام محكمة عسكرية صهيونية أصدرت عليه حكماً بالسجن لمدة 13 عاماً .
وأفرج عنه عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، بعد أن أمضى 11 شهراً في السجن .
اتفق الشيخ أحمد ياسين عام 1987م مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي بغية تحرير فلسطين أطلقوا عليه اسم "حركة المقاومة الإسلامية" المعروفة اختصارا باسم "حماس"، وكان له دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك، والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد، ومنذ ذلك الوقت والشيخ ياسين يعد الزعيم الروحي لتلك الحركة.
مع تصاعد أعمال الانتفاضة بدأت السلطات الإسرائيلية التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين، فقامت في أغسطس 1988م بمداهمة منزله وتفتيشه وهددته بالنفي إلى لبنان، ولما ازدادت عمليات قتل الجنود الإسرائيليين واغتيال العملاء الفلسطينيين قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم 18 مايو 1989م باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس، وفي 16 أكتوبر 1991م أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكماً بسجنه مدى الحياة، إضافة إلى 15 عاما أخرى، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين، وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.
وفي عملية تبادل أخرى في الأول من أكتوبر 1997م جرت بين المملكة الأردنية الهاشمية وإسرائيل في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمان، وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما لإسرائيل مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، أفرج عن الشيخ وعادت إليه حريته منذ ذلك التاريخ،
وتوجه الشيخ بعدها إلى الأردن للعلاج، وعاد إلى قطاع غزة في 6/10/1997م
وعاش بعدها الشيخ الشهيد في غزة لأوقات طويلة تحت الإقامة الجبرية، رئيساً لحركة حماس، ومنظراً فكرياً وإيديولوجياً لها، استطاع خلالها تطوير عمليات حماس، وتطوير قدراتها القتالية والدفاعية، وإدخال مفاهيم العمليات الفدائية ضد الأهداف الإسرائيلية في العديد من المناطق المحتلة.
فكان أحد أهم القادة الذين ساهموا في إجبار إسرائيل على الاعتراف بالقدرات الفلسطينية، والجلوس مع القادة الفلسطينية على طاولة المفاوضات، والإذعان للكثير من المطالب الفلسطينية، على الرغم من أن الشيخ الشهيد لم يكن يؤمن بمبدأ المفاوضات، وكان يعتبر الحل العسكري هو الحل الأمثل للتفاهم مع الاحتلال الإسرائيلي، ولا يرضى بأقل من خروج اليهود من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في سبتمبر عام 2003، عندما كان في إحدى الشقق بغزة، ما أدى إلى جرحه هو و15 من الفلسطينيين، إلا أن جروحه لم تكن خطيرة.
وقد حصل الشيخ على أمنيته الغالية في الحياة، وهي الشهادة، بعد سنوات طويلة في الجهاد والنضال والدفاع عن فلسطين والقدس والأقصى.
فاستشهد الشيخ فجر اليوم الاثنين 1 صفر 1425هـ لدى عودته من صلاة الفجر، عبر الصواريخ الإسرائيلي التي أطلقتها المروحيات العسكرية.
رحم الله الشيخ أحمد وبلغه منازل الشهداء .