©§¤°^°¤§©¤مــنـــتــديــات فلــــسطيـــن¤©§¤°^°¤§©
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

©§¤°^°¤§©¤مــنـــتــديــات فلــــسطيـــن¤©§¤°^°¤§©

فـــلـــســطــــــيــــن
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 القرص............قصة : سمر حمود شيشكلي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 118
تاريخ التسجيل : 05/08/2007

القرص............قصة : سمر حمود شيشكلي Empty
مُساهمةموضوع: القرص............قصة : سمر حمود شيشكلي   القرص............قصة : سمر حمود شيشكلي Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 10:57 am

وقف في الوسط بين ولديه يتلقى فيه العزاء في بيته..... أستاذه وأبوه الروحي... وكأنه أحد أفراد العائلة ...
كان الدكتور ( يحيى ) واحداً من ألمع الباحثين في طب الجهاز العصبي عرفه
( عبد الرحمن ) في السنة الأولى في كلية الطب.... ثم كان هو نفسه الدكتور المشرف على بحث الدراسات العليا .. ثم مساعداً له في دراساته استعداداً للتقدم ببحث الدكتوراه ..
لم يكن الدكتور ( يحيى ) ليختاره من بين مئات من الطلاب المتطلعين إلى موافقته على الإشراف على رسائلهم للدكتوراه لولا أنه رأى فيه التميز الذي كان ينشده لسنوات طويلة كمساعد له في أبحاثه الخاصة ...
رافقه لساعات طويلة من النهار كل يوم , ربما امتدت إلى الأربع والعشرين ساعة كلها ، ولفترة سنوات عديدة ...
كان تلميذه ومساعده وبيت سرّه ... بادله الثقة بالوفاء والاحترام والعمل الدؤوب ... وتعلم منه الكثير في كل نواحي حياته . غدا مع ملازمته له والإطلاع على دقائق شخصيتة من أشد المعجبين به .. وبخاصة تعدد مواهبه .
كان الدكتور يحيى بالإضافة إلى سعة معرفته الطبية في حقل اختصاصه ، يتقن عدة لغات أجنبية ، هادئاً ، متزناً ، منسجماً مع عالميه الداخلي والخارجي ..
ـ أنت ابن ثالث لي يا عبد الرحمن ... كنت أنت.... لتتحقق بك أخص الأمنيات .. سبحان الله .. حقاً كنت أتمنى لو أعطيت واحداً منهما خبرتي وعلمي .. الحمد لله
وذات يوم......
ـ تعال يا عبد الرحمن .. أريد أن أطلعك على شيء
دَلَفا معاً إلى قاعة من خلال باب جانبي في المختبر ... كانت مختبراً آخر .. صغير ولكنه مزود بأجهزة بدت غريبة لم يألفها عبد الرحمن من قبل ، ولم يكن طبعاً مطلعاً بعد على وظيفتها ..
جال ببصره وتلفت حوله مستغرباً ..... انتظر مبادرة الدكتور ( يحيى ) بالكلام ..
ـ لسنوات طويلة عملت على إنجاح فكرة تلح عليَّ .. حرمتني النوم طويلاً .. أظن أننا معاً سنصل إلى شيء ..
عندي إحساس غامض أن للفكرة خطورتها .. لذلك لم أطلع أحد بعدُ عليها ... أحتاج وقتاً كي أتأكد من نجاحها ونتائجها .. ما لم أتأكد من سلامة ما أقوم به وآثاره المستقبلية لن أعلن أبداً عن أبحاثي ...
ـ وإن تأكدت من أن النتائج ستكون كوارثية أو حتى سلبية .. ماذا أنت فاعل ؟! "..
ـ سأدمر كل ما يشير إلى الموضوع .. .. لا أريد أن أعطي سلاحاً يستعمل للشر .. يكفي الإنسانية ما نالها على يد علمائها ..
ـ أتحملهم المسؤولية يا دكتور .. هناك من استغل عبقريتهم وأبحاثهم "
ـ لذلك أنا حريص أن لا أؤخذ بإبهار العلم .. وأن لا يسيطر علي هاجس الاكتشاف كي لا يصبح نقطة ضعف يستغلها أحد المهووسين من قادة هذا العالم " .
ـ هذا سبب إضافي لإعجابي واحترامي لك "


***

كانت نبرة الدكتور يحيى مفعمة بنذير الخطر ...عندما طلب من عبد الرحمن الحضور إلى المخبر
في المخبر الخاص... كانت أمامه أكوام من الأوراق وأقراص كومبيوتر .. وشرائط تسجيل وأفلام ...
كل شيء في الخارج يتعاطف مع الموقف ، يرسم له خلفية موسيقية مناسبة .. كانت ليلة عاصفة حالكة السواد, والمطر يضرب زجاج النوافذ بقوة وصوت الريح يعوي كقطيع ذئاب جائعة .. وتهتز أغصان الأشجار العتيقة حول المركز حتى تكسّر بعض منها .. واشتركت الباقية في سمفونية الرعب التي تعزفها الطبيعة تلك الليلة .. منذرة بالنهاية ..
" يجب أن ألغي كل شيء يا عبد الرحمن ... "
قالها بنبرة حزينة آسفة ..
رد عبد الرحمن بدهشة : " لمَ .. ماذا طرأ ؟! "
أشار الدكتور يحيى إلى أحد الأقراص الحاسوبية .. وقال بإعياء شديد وهو يضغط على صدره بيده متألماً ... كل شيء موجود على هذا القرص ...إني أعلن فشل البحث ... "
ـ كيف ؟! كيف هذا " صعق عبد الرحمن للخبر .. كان آخر ما يتوقع سماعه وآخر ما يرغب في سماعه .
ـ قبل سفري وصل البحث إلى نجاح مذهل ... استطعت عزل الخلايا الدماغية الخاصة بالذاكرة والخبرة الحياتية والعلمية عن باقي خلايا الدماغ الحسية والحركية .. ونجحنا في نقلها من حيوان إلى آخر في المختبر .. وكانت النتائج مذهلة ... ما الذي حدث ؟! أرجوك يا دكتور يحيى ؟!
ـ أثناء سفرك ظهرت أعراض غريبة على حيوانات الاختبار ..
ـ ماذا ؟ .. ما هي ؟!
ـ ذكرت لك كل شيء في تقرير القرص


***

عندما عادَ عبد الرحمن الدكتور يحيى في بيته في اليوم التالي .. كان مستلقياً في سريره .. مغمض العينين ويبوح صدغاه الغائران وعروقه النافرة والتجاويف تحت جلد خده المتغضن بأن نهاية هذا الإنسان لم تعد ببعيدة .. إن صدره يعلو وينخفض بصعوبة وكأن صخراً يجثم عليه ، والأهل حوله مشفقين متألمين ، اقترب منه .. لثم يده المعروقة الباردة .. ففتح عينيه بإعياء وهمس :
ـ اقترب مني .. أريد أن أخبرك شيئاً ..
ـ هل اطلعت على النتائج الأخيرة ؟!
ـ أجل يا دكتور !! " قالها بحزن وكأن هذا الأمر لا يعني له شيء الآن أمام ما هو شبه متأكد من حدوثه لأستاذه وصديقه و أبيه الروحي ..
ـ ما رأيك ؟!
سأله الدكتور يحيى ولمعت نظرته بالرجاء رغم دبيب اليأس في قلبه ورغم التعب الشديد الذي ألمّ بجسده ..
ـ بصراحة يا دكتور النتائج ليست حاسمة هناك فرصة بعد لمزيد من التعديلات ..
ألقى الدكتور يحيى برأسه للوراء مغمضاً عينيه إعياءً من جديد ..
تابع عبد الرحمن هامساً " دعني أحاول إقناعك بعدم إعدام المشروع .. حرام يا دكتور الجهود المضنية التي بذلت فيه .. والنتائج الباهرة التي وصل إليها .. قد ننعطف به انعطافاً يفتح أمامنا آفاقاً جديدة تغير الهدف الأصلي نعم ولكنها تعطي أملاً بهدف كبير آخر .. "
بقي الدكتور يحيى مغمض العينين .. يستمع .. ثم أشار لمن في الغرفة أن يتركوه مع عبد الرحمن وحدهما ..
ـ هل يعني هذا أنك تتبنى المشروع ؟!.. عبد الرحمن.. الموضوع مصيري يجب أن نكون على درجة عالية من الإحساس بالمسؤولية .. !!
لم يكن من السهل عليه الانهزام بالتخلي عن الفكرة نهائياً ..
ولكنه كان مشفقاً من نتائج هو نفسه ليس متأكداً منها بعد ..
ـ ما الذي تخشاه بالتحديد يا دكتور ؟!
استرد ريقه لتيبس حلقه , والحياة تسحب منه رويداً رويداً ..
ـ أخشى الشر البشري
تأمل عبد الرحمن في الفراغ طويلاً مفكراً .. فساد الصمت بين الاثنين .. كسره عبد الرحمن بسؤال واضح محدد وجريء ..
ـ هل تثق بي يا دكتور ؟! إذاً اسمح لي بالمتابعة .. واسمح لي ..
قبل أن يتجرأ على المتابعة أطرق ملياً بعينين زائغتين من الإثارة والانفعال ..
ـ اسمح لي أن أقوم بالتجربة البشرية الأولى على نفسي !!
لوح الدكتور يحيى بكلتي يديه بضعف ولكن بشكل يدل على رفضه النابع من خوفه على عبد الرحمن ...
ـ لا .. لا .. يا عبد الرحمن .. أنت أثمن من أن تضيع كحيوان تجارب ..
ـ لا بد من التضحية ... ومن قال لك أن النتائج ستكون سلبية مدمّرة .. قد تكون على العكس تماماً.. المعرفة المخزونة في دماغك ثمينة جداً ... أخشى أنه حرام أن تضيع .. ما رأيك لو نجرب ؟! "


***

في اليوم الثالث من أيام العزاء ... وبعد خروج آخر غريب من منزل الدكتور المرحوم " يحيى " اجتمع محاميه مع أبناءه ..
أراد عبد الرحمن أن يغادر ، لكن المحامي طلب منه البقاء ..
قرأت الوصية : " ... وُزّع كل شيء مادي وفق القانون.. كل الأمور اعتيادية .. إلى أن سمع عبد الرحمن الفقرة التي تخصه .. أوصى له الدكتور يحيى بكل أبحاثه ليتابعها وأوصى له .. بـ .. بدماغه ...


***

نجحت عملية النقل .....
سارت الأمور على ما يرام بضعة أيام ... ا شعر عبد الرحمن خلالها بفرحة عارمة .. لقد اختصر دهراً من الزمن كان سيصرفه لو أراد أن يحصل على ما اكتسبه بهذه العملية البسيطة في ساعات ... أضاف إلى معرفته الطبية معرفة الدكتور يحيى كاملة غير منقوصة ...لا بنسيان ولا بعملية اصطفاء ... أضاف أيضاً معرفة باللغات الأمر الذي ظنّ أنه سيمكنه من الإطلاع على أحدث المراجع من كل أنحاء العالم ...
أبقى عبد الرحمن أمر البحث وعملية النقل وكل ما يتعلق بها سراً حتى عن أقرب الناس إليه...
لكن .. ذات يوم ..
بدأت تظهر عليه أعراضٌ نفسية تتحول إلى ألم محضٍ يوماً بعد يوم .. بدأت بشعوره بفتور غريب نحو كل شيء حوله .. بدأ إحساسه بالأشياء يتبلد .. يصحو باكراً يسمع زقزقة العصافير ولا يطرب لها .. يرى حسن الطبيعة في تواتر فصولها ولا يدرك قلبه معنىً لتحولها .. يضحك الناس حوله فيقابلهم بفتور بليد .. يبكي أمامه أحدهم فيرد عليه بتجهم بارد .. لكنه أحياناً كانت تعوده تلك المشاعر الآدمية التي تميز بها بشكل خاطف.. ذلك الحس العميق بمكنونات الأشياء .. فيدرك ما ينتابه فيصيبه ألم فظيع .. يحاول أن يقرر شيئاً ثم ما يلبث هذا التحجر والتصلب أن يسيطر عليه من جديد .. وكأنه يتحول إلى آلة شيئاً فشيئاً ...
ذات مرة جرَّب اختبار معرفته باللغات التي انتقلت إليه مع ما انتقلت من خبرة الدكتور يحيى .. اختار نصاً بالألمانية .. التي لم يكن قبلها يعرف ولا كلمة منها .. قام بمحاولة ترجمته ..
نظر إلى الورقة .. صعقته النتيجة .. حاول من جديد .. وحاول حتى أرهقته المحاولة .. ولكن عبثاً .. في كل مرة كان ما يترجمه لا معنى منطقي له على الإطلاق .. أجل يعرف كل المفردات فعلاً .. لكن صياغة الجملة كانت ضرباً من المستحيل ....النتائج هزلية على الدوام ..
فقد بعد فترة فرحته بتلك المعرفة عندما وجد أن لا فائدة ترجى منها .. لم يستطع الإطلاع على أي مرجع بأي لغة أجنبية اكتسبها ..
حتى الدكتوراه التي كان يحضر لها استعصت عليه .. في البداية لم يكن الحال بهذا الهول .. ولكنه سار من سيء إلى أسوأ .. في كل عام يتقدم فيها برسالته ، تُرفَضْ وتقرير يرافقها بأن الرسالة إنما هي مجموعة معلومات بلا رابط .. وكأنها بنك معلومات لا يفضي إلى أية نتائج مبتكرة ..
لماذا ؟! أين هو عبد الرحمن أين ذهب ؟!
كان يجده من آن لآخر فيسعد به ويتألم عميقاً بما أضاعه من روحه .. حاول المقاومة ..
في لحظات إشراقه كان يعود لقرص الكومبيوتر الذي تركه الدكتور " يحيى " يقف أمام عباراته ، محاولاً أن يفهم لماذا !!:
" مغامرة فجة .. من الخطورة خوض مجاهلها قبل التحقق من النتائج .. متاهة قد تكون قاتلة ستفقدك روحك ...يجب إيجاد المصل القوي أولاً... "


***

ـ ما هذا يا دكتور سامي ؟!
ـ لا أدري بعد يا دكتور فاروق .. إنه قرص كومبيوتر وجدته في صندوق بريد كان لعبد الرحمن رحمه الله ..
ـ عبد الرحمن ! .. يا إلهي .. كانوا يتوقعون له مستقبلاً عظيماً .. لم يعلم أحد ماذا حل به .. قبل قضائه انتحاراً
ـ يا لطيف ! نهاية فظيعة .. أن يفقد الإنسان الإيمان ..
ـ لنر ما فيه .. قد يكون غير صالح .. مضى وقت طويل .. اُخِذَ الدكتور فاروق والدكتور سامي بما أطلعهم عليه هذا القرص ... كان هناك ملفا فيديو ، صوت وصورة
الملف الأول للدكتور يحي.....شاهداه كله و سمعا آخر جملة له كان قد سمعها عبد الرحمن .. ثم أتى ملف عبد الرحمن...
" أنقل إليكم في إحدى لحظات وعيي أخطر ما يمكن أن يرتكبه الإنسان في حق جنسه.. أنا بدون روح ...
مرة أخرى تتوقف الصورة .. ثم يعاود الظهور من جديد
كان واضحاً أن الملف نظم على مراحل متباعدة ..وبدون تنسيق للأفكار
" إنني أغوص .. ولا أجد منفذاً .. أرجو ممن يطلع على ما في هذا القرص أن يعود لبدايات البحث.......... لا بد من التأكد أولاً من نضج التجربة .... إننا في مرحلة مراهقة فكرية..نحن غير مؤهلين كبشر بعد.."
وغابت الصورة نهائياً هذه المرة .. نظر كل منهما إلى الآخر صامتاً غارقاً في أفكاره ... نهضا ، ثم مضى كل منهما في جهة مختلفة ، دون أن يفطن أحدهما إلى اغلاق القرص الموجود في الكمبيوتر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7ala.ahlamontada.com
 
القرص............قصة : سمر حمود شيشكلي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
©§¤°^°¤§©¤مــنـــتــديــات فلــــسطيـــن¤©§¤°^°¤§© :: قصــص و روايــات-
انتقل الى: